الخميس، 25 أغسطس 2011

قال ما يجول بخاطري

هذا الانتصار صنعه الشعب الليبي وليس الناتو
عبد الحميد صيام
2011-08-24


هنئيا للشعب الليبي البطل بهذا الانتصار العظيم. تحية إجلال وإكبار للثوار الأبطال الذين لم يتراجعوا ولم يحرفوا بوصلتهم نحو الهدف الكبير الذي اجتمعوا عليه لإسقاط الطاغية الأعظم في التاريخ الحديث الذي جمع السوء من أطرافه: جهل وغرور وفساد ودموية. رحمة من الله واسعة تنزل على أرواح آلاف الشهداء الذين دفعوا أرواحهم ثمنا كي يتمتع الشعب الليبي وأجياله القادمة بنسائم الحرية والكرامة والعزة والرخاء والتقدم والعدل والمساواة. ورغم معرفتنا أن هذه الصورة المثالية لن تتحقق بين ليلة وضحاها إلا أننا واثقون من أن الذي انتصر في معركة الجهاد الأصغر لا بد إلا أن ينتصر في معركة الجهاد الأكبر.
كل من يشكك في هذا الانتصار فهو إما متآمر أو جاهل أو رجعي متخلف. كل من يقارن إسقاط نظام العقيد بما جرى في العراق فهو مخطئ عن قصد أو مخطئ عن جهل فشتان بين القوات الغازية في العراق والتي ألغت دور الشعب العراقي وصادرت حقه في قبول أو رفض نظام الحكم هناك وبين سواعد الثوار الليبين وهم يكرون ويفرون في البريقة ومصراتة والزنتان والجبل الأخضر والزاوية وراس لانوف..... يسقط منهم العشرات والمئات بصواريخ مرتزقة القذافي فيدفنون شهداءهم ويضمدون جراحهم ويعضون على آلامهم وينظمون صفوفهم ويعودون للميدان أكثر عزما وتصميما على تخليص البلاد من هذا الطاغية الأرعن الذي سفك من دماء الشعب الليبي ربما أكثر مما سفكه الاستعمار الإيطالي البغيض. حرروا ليبيا ببطولات عز نظيرها في العصر الحديث. لقد دخلت مصراتة وصمودها الأسطوري التاريخ من أوسع أبوابه وهي تحاصر من كل الجهات وتنهمر عليها زخات من صواريخ كتائب الطاغية فتحول البيوت إلى مقابر جماعية. أتذكرون الطبيب البطل علي أبو فناس الذي فقد أولاده الأربعة سالم (15 عاما) وحواء (11 عاما) وفاطمة (7سنوات) وآدم (3 سنوات) ثم خرج ليضمد جراح المصابين في مستشفى مصراتة ؟ وكم هناك من آلاف مثل علي أبو فناس.
هذا الانتصار صنعته دماء الشهداء الذي سقطوا في بنغازي في الأيام الأولى من الثورة فحركت صور الضحايا ضمائر العالم وأصبح إسقاط النظام الفاشي ضرورة حتمية ومهمة ليبــية وعربية ودولية وإنسانية مثل إسقاط النظام النازي في ألمانيا الهتلرية.
الذي أسقط نظام العقيد هم شباب ليبيا الأبطال وقيادتهم السياسية الشريفة التي حملت دماءها على راحاتها وتمردت على عصابة القتلة ورئيسها الذين يتلذذون بالقتل والتمثيل والتعذيب فأحدثوا شرخا في جدار القمع الذي يمثله هذا المجرم. قيادة سريعة أنجزت على عجل لكنها ارتقت إلى مستوى المسؤولية فأدارت شؤون المعركة بحكمة وروية ودون تهريج أو احتراب أو انتهازية. الذي صنع الانتصار هو شباب الثورة الذين انتفضوا على حكم الطاغية قبل أن يسمعوا بالناتو رغم خطورة هذه الانتفاضة لأنهم يعرفون كيف سيكون رد فعل 'الزعيم' الذي لا يتعامل مع المعارضين لسلطته إلا من خلال أعواد المشانق كما يشهد على ذلك سنوات زادت عن الأربعين.
الذي صنع الانتصار هو الرجال الأحرار الذين استقالوا في الأيام الأولى من مناصبهم وسفاراتهم وبعثاتهم وأعلنوا انضمامهم لثورة شعبهم ولم يترددوا أو يتراجعوا أو يضعفوا. الذين صنعوا الانتصار هؤلاء الفتيات الطاهرات المناضلات المقاتلات اللواتي حملن السلاح أو أدوات الإسعاف أو الإمدادات أو كن خير متحدثات عن معاناة الشعب الليبي وتصميم شعبه على الانتصار. الذي صنع هذا الانتصار هؤلاء الآلاف الذين تظاهروا في كافة العواصم صارخين للعالم بحناجر أقوى من لعلعة الرصاص 'قولوا لمعمر وأولاده ليبـيا فيها رجالة ' ونعم الرجال والنساء.
شكرا للناتو ومع السلامة. مهمتكم في حماية المدنيين التي شرعنها مجلس الأمن أنجزت وكفى. لقد أيدنا تلك المهمة في حينها فلولا القرار الدولي 1973 لتحولت بنغازي ودرنة والبيضاء إلى مقابر جماعية، كما هدد الوالد وابنه، ثم تعامل المجتمع الدولي مع نتائج المجزرة بالإدانة والشجب كما فعل يوم سحب بعثة الأمم المتحدة من رواندا عام 1994 وترك أمر الشعب للماشيتات والبنادق والحرق والسحل والخنق ليقتل مليون رواندي في أقل من ستة أسابيع.
أتركوا الشعب الليبي يتدبر أموره فالمهمة الآن تتمثل في الانتقال السلمي لمرحلة ما بعد القذافي وأولاده وصولا إلى بناء جمهورية ليبيا الحديثة القائمة على حكم المؤسسات وسيادة القانون وصيانة الكرامة الوطنية والمساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وبناء نظام قائمة على التعددية والاختيار الحر وتداول السلطة وإيجاد نظام للمساءلة وفصل السلطات وتحديد فترات الرئاسة والانطلاق نحو التنمية الرشيدة، ومد يد التعاون لأشقائه وأصدقائه وحلفائه.
لقد وقفنا مع ثورة الشعب الليبي منذ اليوم الأول وبشرنا ب'سقوط انفرادي لملك ملوك أفريقيا وعميد الزعماء العرب وصانع أول جماهيرية في التاريخ وصاحب النظرية الثالثة التي ضمنها في كتابه الأخضر'. وها نحن االيوم نحتفل مع الشعب الليبي في تحقيق هذا الانتصار العظيم الذي سيترك أثره العارم في تأجيج الثورات العربية الأخرى ضد الطغاة الآخرين وما أكثرهم. فيا طغاة العرب، خذوا العبرة من ليبيا وشعبها. فليس أمامكم إلا أحد خيارين: فإما النزول أو الهروب المبكر عن العروش بشيء من كرامة أو الإسقاط المدوي الذي تصنعه الجماهير المناضلة التي لا تكل ولا تتراجع ولا تساوم ولا تخشى لا البلطجية ولا الشبيحة ولا رجال الأمن ولا الدبابات ولا الصورايخ، ولن توقف ثوراتها إلا بتحقيق الانتصار.

' أستاذ جامعي وكاتب عربي مقيم في نيويورك

هناك 15 تعليقًا:

خواطر شابة يقول...

التدوينة اليوم هي نقل لمقال نشرته جريدة القدس العربي اليوم وجدت سطوره معبرة بشكل دقيق عما يجول بخاطري خصوصا وانا ارى الكثيرين ممن يلومون على الليبين الاستعانة بالناتو دون ان يطرحوا البديل اللهم الا الابادة

قلم رصاص يقول...

ان شاء الله لن يأتي العام الجديد إلا وقد تحررت كل اﻷوطان العربية من براثن اﻷنظمة القمعية الإستبدادية

مقال متميز شكرا لكي اختي الكريمة
كل سنه وحضرتك طيبه
مفتقد المرور على مدونتك من زمان
عدنا بفضل الله
بس السبب الفيس بوك :(

غير معرف يقول...

شوفي يا ستي

أولا لازم نفهم أن الثورات العربيه المتفرقه وعلى أختلاف أسبابها ستؤدي بنا في النهايه لشئ طبيعي ومنطقي ومفروغ منه ألا وهو الوحده العربيه الشامله

طيب مين بئا النتيجه المنطقيه دي تزعجه؟

بس يا ستي ادي جواب سؤالك

وأضافه أخرى بئا مننا أدوات تستخدم لخدمة أعدائنا يعني أشخاص خونه وأغبياء

ما تخليش الكلام الخايب ده يزعجك أو يشتت أنتباهك

فيه هدف محدد وهنوصل له وكلما كان أسرع كان أفضل

بنت قلبى يقول...

يارب استرها علينا يارب واحفظنا واحرصنا
ويارب العام الجديد نكون احسن بكتير بحالنا دا يارب

بنت قلبى يقول...

ياااااااااااااااااارب

Tears يقول...

كل سنة و انتى طيبة و جميلة

عيد سعيد :)

أندروميدا يقول...

كل عام وانتم بخير ... عيد سعيد

جايدا العزيزي يقول...

☻/ღ˚ •。* ♥♥ ˚ ˚✰˚ ˛★* 。 ღ˛° 。* °♥ ˚ • ★ *˚ .ღ 。
/▌*˛˚ عــــــيــــــــد ** فــــطــر ** مــبـــاركــــ˚ ✰*

محمد ملوك يقول...

بمناسبة عيد الفطر المبارك
اتقدم إليكم بأسمى آيات التهاني والتبريكات والأمنيات السعيدة
أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير و اليمن و البركة
وكل عام وانتم بالف خير

شمس النهار يقول...

ربنا يتم لشعب ليبيا البطل فرحتهم

وان شاء الله ربنا هيكرمهم ويقدروا يعيدوا بناء ليبيا الحرة

والمهم ان المجنون مشي بغير راجعة

Unknown يقول...

السلام عليكم
جزاك الله خيرا على النقل الطيب أختي الكريمة...
فما ذكر في المقال لهو ما تدور به خواطري وتجيش به نفسي والله.. وهو معبر بحق عن فرحتنا الغامرة بعتق إخواننا الليبيين من ذل العبودية إلى نسائم الحرية بفضل من الله ومنة..
أما أن الفضل لمن.. فهو لله أولا ثم لمن ثار وقدم نفسه رخيصة في سبيل عيشة هنية لبقية إخوانه..
أما من فعل شيئا لمقابل، فليس له الفضل بل له الشكر مع دفع الثمن.
تحياتي أختي الكريمة.

sal يقول...

الله ينور عليك يا خواطر
كل عام انت فى احسن حال

فشكووول يقول...

السلام عليكم
ازيك يا خواطر .. كل عام وانت بخير .. هذه هى مدونة فشكول الجديده بعد ان ضاعت فشكول القديمه وانتحرت وغرقت فى بحر النت الكبير

يكفى ان الثوار الليبيون صمموا وثبروا وثابروا حتى اسقطو اكبر كوميديان دموى فى التاريخ الحديث بعد نيرون القديم

تحياتى يا خواطر

!!! عارفة ... مش عارف ليه يقول...

مبروك للشعب الليبي

وبإذن الله ينال قريباً

الشعبين السوري واليمني حريتهما

ونسأل الله أن يبارك في ثورتنا المصرية

أطيب تحياتي
وليد الزهيري

غير معرف يقول...

نأمل في الحصول على بعض المساعدة منك إذا سوف يكون لي أي سؤال.