الزاوية الناصرية

أمس في سهرة عائلية في بيت خالي طلبت منه اعطائي نبذة عن تاريخ الزاوية الناصرية لانه من الدارسين لتاريخ المنطقة ومن العارفين به ويعتبر بحق مرجعا هاما في هذا الخصوص سأكتب لكم فيما يلي تلخيصا لما دار بيننا وللمعلومات التي حصلت عليها منه وقد نصحني بقراءة كتاب "طلعة المشتري في النسب الجعفري" تأليف الشيخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري ان أردت التعمق في الموضوع ودراسته بشكل دقيق وقد وعدته بأن أفعل ذلك في القريب ان شاء الله.

الزاوية الناصرية بتمكروت اسسها عمرو ابن أحمد الانصاري سنة 983 هجرية وهو الحفيد الخامس لمؤسس زاوية سيد الناس وتولى مشيخة الزاوية بها ثم تعاقب عليها ابناءه وأحفاده الى ان انتقل اليها سيدي عبد الله بن حساين وتولى المشيخة الروحية بها كتلقين الاوراد والعناية بالفقراء والمريدين وتربيتهم تربية صوفية على طريقة التصوف السني وتولى أمر الزاوية سيدي أحمد ابن ابراهيم الذي أسس المسجد الكبير وبنى مدرسة بجانبه.

وفي عهد هذين الشيخين جاء الى الزاوية سيدي محمد بناصر قصد الحصول على الاجازة والتبرك بمشايخها فعرض عليه منصب الامامة والتدريس فاعتذر بسبب تحمله مسؤولية والديه بأغلان بمنطقة ترناتة لكنه عاد للزاوية بسبب رؤية صالحة رأها وتولى المشيخة بها فعرفت الزاوية ازدهارا في عهده حيث أسس مدرسة علمية قصدها الطلاب من جميع الافاق وأنشأ خزانتها حيث جلب اليها العديد من الكتب حتى لقب بباز الكتب فكون الخزانة بالشراء واستنساخ الكتب بنفسه وحمل لها ايضا كتبا من المشرق اثناء زيارته للبقاع المقدسة وفي عهده أيضا عرفت الزاوية الى جانب ازدهارها العلمي ازدهارا تجاريا وحضاريا فأنشأ ركب الحجاج للزاوية الناصرية عرف بالركب الناصري للحجاج واشترى للزاوية الاملاك من مختلف انحاء المغرب وامتد نفوذ الزاوية الى ربوع المملكة جميعها بحيث كانت لها فروع في مختلف المناطق بحيث بلغ عددها 366 زاوية فرعية بحيث كان يقال ان المريد لو غادر الزاوية الناصرية بتمكروت يعود اليها بعد سنة لو أراد زيارة كل الزوايا الفرعية.

سند الطريقة الناصرية يثمثل في سلسلتين من الأشخاص الاولى صوفية والتانية تسمى بسلسلة العلماء وقد اعتنى الناصريون بهاتين السلسلتين وسطروهما وقيدوهما نظما ونثرا وهاتان السلسلتان تلتقيان في النهاية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما عن الورد الناصري فهو بمثابة وسيلة لتطهير النفس ووترويضها وجلبها للاقتداء بالسلف الصالح والتقرب الى االله بكل عمل صالح .

يعرف الورد الناصري بالصلاة الكاملة على رسول الله صلوات الله عليه وسلامه حيث يصفه بالنبي الأمي " اللهم صلي على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى أله وصحبه وسلم تسليما" ويمتاز هذا الورد ببساطته وسهولة تأديته وعدم ارتباطه بزمان ولا بوظائف الزامية كما يمتاز في ذات الوقت بتدرجه حسب أحوال الناس وطاقتهم الامر الذي استقطب له ذلك الكم الكبير من الاصحاب والمريدين في البوادي والحواضر.

كان الشيخ المؤسس يلقن لاصحابه وردا بسيطا يناسب الوسط الذي يعيشون فيه يسبقه هذا الدعاء " اللهم يالطيف ألطف بي فانك بي بصير ولا تعذبني فانك علي قدير ودبر لي فإني لاأحسن التدبير وخذ بيدي ولا تقطعني بقواطع الذنوب يا غانيا عن التفسير يامن العسر عليه يسير أشكوا اليك ما لايخفى عليك يا لطيف".

وأذكار الورد هي لااله الا الله ألف مرة ويزاد عند تمام كل مائة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذكر فيها الاسم الشريف "يالطيف" 129 مرة عقب الصلوات الخمس.

وفي الشدائد والملمات كان يلجأ الى اللطيف الصغرى اي عدد 16041 يا لطيف أو اللطيف الكبرى أي عدد 116481 يا لطيف ويشترط في الصغرى والكبرى أداء ركعتين معهما وبعد السلام مائة من الاستغفار ومائة من الصلاة على النبي صلوات الله عليه وسلامه .

اللطيف معروف في التاريخ والثقافة المغربية تمت مواجهة حتى المستعمر به حيث معروف في التاريخ المغربي ان المغاربة عبروا عن رفضهم الظهير البربري الذي حاول به الاستعمار التفريق بين عنصري الشعب العرب والامازيغ بتلاوة اللطيف في المساجد.

والى لقاء قريب في موضوع جديد.